لماذا يستمر مسلسل نفوق الأسماك الجماعي في البحيرة؟
للعام العاشر على التوالى يتواصل مسلسل نفوق الأسماك بمدينة المحمودية، حيث طفت على سطح المياه كميات كبيرة من الأسماك النافقة، أمام طرد محطة كهرباء مركز المحمودية - التى تعمل بالأساس على مياه فرع رشيد - قبل أن يتم انتشالها وإرسالها لمركز مدينة حوش عيسى لدفنها، وهو ما تسبب فى حالة من الذعر والفزع بين المواطنين، خوفا من تلوث مياه الشرب، وتسبب الأسماك النافقة فى انتشار الأمراض.
الأحداث المتكررة فرضت العديد من التساؤلات التى تحتاج إلى إجابة من قبل المسئولين، منها لماذا تأتى ظاهرة نفوق الأسماك كل عام فى نفس التوقيت؟ وماهو دور الدولة فى محاربة هذه الظاهرة؟ وكيف يتم التخلص من هذه الكميات الهائلة من الأسماك النافقة؟
زيادة السموم والمزارع الخاصة السبب ظاهرة نفوق الأسماك ليست الأولى من نوعها وإنما هى ظاهرة متكررة تحدث فى نفس التوقيت من كل عام، وتعود إلى ثلاثة أسباب، الأول منها: "كثرة المزارع السمكية المتجاورة، والممتدة على طول فرع رشيد وتحديدا عند مركز المحمودية، ووضع الطعام لكل مزرعة على حدة فى ظل تقارب المسافات بين المزارع يؤدى إلى ارتفاع نسبة السموم فى الماء عن الحد اللازم مما يتسبب فى نفوق الأسماك.
أما السبب الثانى فيرجع إلى وجود عدد من محطات الكهرباء، على ضفاف النهر فى هذه المنطقة، وتستخدم مياه النيل فى عملية التبريد، ومن ثم تقوم بتفريغ المياه بعد عملية التبريد، التى تكون درجة حرارتها مرتفعة، فضلاً عن اختلاط المياه أثناء عملية التبريد ببعض المواد الكيمائية، وبعد أن يتم تفريغ مياه المحطات فى النيل تتسبب فى نفوق الأسماك بأعداد كبيرة نظرا لارتفاع درجة حرارتها وكثرة السموم بها. الأمونيا والصرف الصحى والسبب الثالث لظاهرة نفوق الأسماك الجماعى، زيادة تركيز الأمونيا وإلقاء مخلفات ونفايات الشركات الكيماوية والصرف الزراعى والمجارى من المنازل والمحال المقامة بطول النهر مسببة تلوث المياه، ومهددة بتلوث مياه الشرب المأخوذة من أكثرمن 10 محطات واقعة على فرع نهرالنيل بمراكز المحمودية ورشيد وشبراخيت والرحمانية.
عبد العزيرنور، أستاذ الثروة السمكية، قال إن التلوث وتدهور جودة المياه، وكذلك الصرف الصحى بكافة أنواعه فى مياه النيل، والتعديات والإهمال، هو ما نعانى منه جميعا خلال السنوات الأخيرة، وتسببت فى انخفاض معدلات الإنتاج بشكل كبير، وهو ما يعوق نمو الثروة السمكية فى مصر. الإهمال والقصور وأضاف نور فى حديثه لـ"التحرير": "للحد من أخطار تلوث المياه ونفوق الأسماك التى تظهرعلينا كل عام، لابد من منع الشركات الموجودة على ضفاف النيل والمحطات من صرف مخلفاتها فى مياه النيل، وإنشاء مصارف خاصة بها لمنع تلوث المياه ومنع استخدام المبيدات فى الأماكن التى بها مزارع سمكية، وإن كان من الأفضل عدم إقامة مزارع سمكية داخل مياه النيل لعدم تلوثها. وتابع نور: "هناك قصور كبير من قبل المسئولين عن الحفاظ على الثروة السمكية، وأدى الإهمال إلى تراجع الثروة السمكية فى مصر، كما أن غياب دور المسطحات المائية فى الرقابة له دور كبير فى هذه الأزمة. طارق فهمى نائب رئيس شعبة الأسماك بالغرفة التجارية، قال إن نفوق الأسماك يرجع إلى سببين الأول تلوث المياه أو تعكرها وزيادة نسبة السموم بها، وهذا يكون فى المزارع السمكية والأحواض التى يقوم بها أهالى تلك المنطقة، هو ما تحاول الدولة جاهدة التخلص منه والقضاء عليها".
النيل برىء والعنصر البشرى متهم وأضاف فهى لـ"التحرير" استخدام المبيدات بنسبة زائدة عن الحد المسموح به، يكون أيضا سببا فى نفوق الأسماك لوجود معايير معينة فى استخدام الأدوية التى توضع للأسماك، مضيفا: حالات النفوق أمر فردى ولا يمكن أن نطلق عليها ظاهرة لأن مياه النيل من أنقى المياه، ولا يمكن أن تكون هى السبب فى نفوق الأسماك وإنما تدخل العنصر البشرى فى الطبيعة هو ما يفسدها". وتابع: "للحد من تلوث المياه بعد نفوق الأسماك لا بد من التخلص منها بأسرع وقت عن طريق إعدامها لعدم تسببها فى المزيد من الأمراض، وتفادى الروائح الكريهة التى تنبعث منها، وعدم تأثيرها على السلالات الأصغر". مديرية التموين تراقب وكان اللواء هشام آمنه محافظ البحيرة قد شدد على ضرورة قيام رؤساء الوحدات المحلية الواقعة على نهر النيل فرع رشيد بمراجعة مآخذ محطات مياه الشرب على نهر النيل فرع رشيد ورفع درجة الاستعداد وانتشال أى كمية من الأسماك النافقة حال ظهورها.
كما وجه بضرورة قيام مديرية التموين والإدارات التموينية ومباحث التموين بمراقبة الأسواق وتكثيف الحملات والتأكد من عدم وجود أى كميات من الأسماك النافقة يتم تداولها بالأسواق للحفاظ على سلامة وصحة المواطنين مع قيام جهاز شئون البيئة وإدارة البيئة بإعمال اختصاصاتهم فى هذا الشأن ومخاطبة الرى لغسيل النهر بزيادة كمية من المياه بالنيل.
نفوق الجيزة واقعة رشيد ليست الأولى خلال هذا العام، حيث أعلنت وزارة الرى فى وقت سابق عن تشكيل لجنة عاجلة من وزارات الرى والصحة والبيئة وشرطة البيئة والمسطحات المائية بمحافظة الجيزة للوقوف على أسباب نفوق الأسماك بمصرف المحيط بنطاق محافظة الجيزة، مشيرا إلى أنه تم أخذ عينات من مياه المصرف بمعرفة وزارة الصحة، وكذلك الأسماك النافقة من موقع الحادث "أعلى وأسفل التيار" وجار الوقوف على أسباب نفوق الأسماك لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لعدم تكرارها.
الوزارة أكدت أن اللجنة قامت بتفقد ومعاينة موقع الحادث وتبين أنه تم تطهير المصرف من الأسماك النافقة بمعرفة الإدارة العامة لصرف الجيزة، وتم التخلص من نواتج التطهير ونقلها إلى المقلب العمومى بشبرامنت، وجار البحث والتحرى بالتعاون بين كافة الجهات المعنية لتقصى أسباب نفوق بعض الأسماك بالمصرف.