طازة وعال يا أم الخلول. صيادو الإسماعيلية يخرجون كنز فيتامينات المحار
مع أول خيوط ضوء الشمس، بدأ سبعة رجال فى تجهيز قارب شراعى لخوض مياه البحيرات المرة بحثا عن كنزهم الصغير، الذى لا يباع غالبا بسعر عالٍ يواز مصاعب صيده.
يمثل صيد محار "أم الخلول" مهنة أساسية لعدد كبير من صيادى الأسماك بمدينة الإسماعيلية فى بحيرتى التمساح والمرة المطلتان على قناة السويس، حيث تمثل الخلول والقواقع 42.28% من إنتاج البحيرات، وفى مدينة بورسعيد على البحر المتوسط، وباختلاف تسمية الكائن البحرى المنتمى لفصيلة القواقع والمحاريات بين "أم الخلول أو البكلويظ" فى مدن قناة السويس، أو الجندوفلى عند أهل الإسكندرية، تبقى أهميته واحدة فى صنع أفضل طبق حساء بحرى ملئ بالمعادن المساعدة على زيادة حيوية الجسم وأيضا مصدرا للبروتين والدهون التى تسهم فى تغذية الدماغ وبناء الخلايا العصبية.
لصيد وبيع الخلول حضور فى الثقافة الشعبية لمدن القناة، حيث غنى لها على آلة السمسمية أغنية " طازة وعال يا أم الخلول"، وبالأغنية نفسها يروج لها الباعة فى الأسواق لجذب الزبائن، ويتراوح سعر بيع الكيلو من الخلول ما بين 20 إلى 60جنيها بحسب الموسم وحجم حبات المحار.
بلغة السوق تقسم "أم الخلول" إلى العرايس، وهى أكبرها و لونها المائل للحمرة أو الأسود وملمسها الناعم. هذه النوعية يكثر وجودها فى مدينة الإسماعيلية فى البحيرات المرة والتمساح، وأيضا "أم الخلول السباع"، وأم الخلول البلطي" وتؤكل مملحة دون طهى وتعرف بصغر حجمها ولونها الأسود وملمسها الناعم، والأخيرة تشتهر بها مدينة بورسعيد وتباع على عربات صغيرة أمام المعديات بين قناة السويس مع حبة ليمون.
تصاد الخلول بطريقتين الأولى عبارة عن جرَّافة محاطة بالشباك تعلق فى مؤخرة قارب الصيد وبها سنون طرفية يمكن بها أن تجرف الرمال الموجودة فى قاع البحيرة حتى تظهر المحارة على السطح ويتم التقاطها داخل الشباك.
وطريقة أخرى تعرف بـ ( الكريك والمهزة ) وتحتاج هذه الطريقة لأكثر من شخصين، حيث يقوم أحدهما بالجرف من القاع بالكريك ويلقى ما بها إلى المهزة والتى يحملها زميله ، حيث يصفى منها الرمال ويستخلص المحارة من المصفاة، وهناك من يقوم بالصيد اليدوى حيث يعتمدون على الغوص والحصول على المحارة بالبحث اليدوى فى الرمال.
طريقة الصيد بالجرافة تستخدم فى البحيرات المرة - جنوبى الإسماعيلية- بسبب أعماق البحيرة التى لا تسمح بالصيد اليدوى للخلول.
تابعت عدسة " اليوم السابع " قاربا شراعيا للصيد ظل يجوب البحيرة لمدة نصف نهار للبحث عن محار " أم الخلول "، وفرز الحبات وإبعاد الصدفات الفارغة والحجارة وفصلها بحسب أحجامها .
يقول " محمد الشافعي، صياد بمنطقة البحيرات، حساء "أم الخلول " وجبة أساسية بجانب الأسماك لأنها تصنع أفضل حساء، يأتى إلينا أصدقاء من القاهرة يسألون عن سبب جودة اختلاف طعم حساء فواكه البحر فى الإسماعيلية، نفسر ذلك بطعم الأسماك نفسها ولكن أكبر الاسرار هو حساء الخلول .
فى بحيرات الإسماعيلية موعد مختلف للخلول عن بورسعيد، فالصيف وقتا مثاليا للصيد فى الإسماعيلية ولكن الصيادين يبحثون عن حبات الخلول طوال العام، بينما ينتظر أهل بورسعيد لبرد الشتاء ليحصلوا على وجبة جيدة من الخلول.
يصنع الخلول حساء خاصا معروفا فى مدن القناة ويقدم كطبق منفرد فى مطاعم الأسماك والأكلات البحرية، حيث يعتبرها الطهاة من المقبلات المميزة قبل الطعام إذا أضيف إليها الليمون والملح قبل الطعام، فيما يعتبر حساؤها الأفضل طعما بإضافة قليل من الشطة الحريفة وعصير الليمون.
الطريقة الثانية لصيد الخلول التى يعتمد عليها صيادو بورسعيد، فى حمل جرافة مثلثة الشكل، ذات أذرع طويلة، تنتهى من الأمام بشريط معدنى مقوّس حاد يمكّن من اكتساح الرمال، ويحمل ما تحتها من أم الخلول إلى شباك ضيقة العيون، أولها مثبت فى الشريط المعدنى وآخرها فى يده.
الشتاء وقتا مثاليا لنضج المحار فى البحر المتوسط، لذلك يضطر الصيادين فى بورسعيد لتحمل برودة الجو لجمع كنزهم الصغير من رمال البحر بالرغم من أسعار البيع لم تعد كافية للجهد وتعرضهم للموت حيث تجرف الأمواج أحدهم إلى عمق المياه.
يوسف صياد فى بورسعيد يحضر ملابس ثقيلة للخوض فى مياه شاطئ البحر المتوسط أستعان تحتها ببدلة غطس مهترئة تقيه برد المياه، لأنه سيقضى ما يقرب من ساعة لجرف رمال البحث وتنقية المحار منها.
يقول يوسف، " الشتاء أفضل أوقات صيد الخلول، مع ذروة الشتاء يكون حجم الخلول كبيرا، لأن سخونة البحر فى الصيف لا ينمو بشكل جيد".