مجموعة شبكات بشاير الزراعية الرقمية

البحيرة.. "سعار التعديات" يهدر ثروات بحيرة "إدكو"

منذ 5 سنوات

فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بحيرة «إدكو»، دأب العشرات من الصيادين المخالفين على تخريب البحيرة، فيما عكف آخرون على استقطاع مساحات شاسعة منها والتعدى عليها، سواءً بالبناء أو تخصيص مزارع سمكية مخالفة، فى وقت ظهرت فيه أكثر أنواع التعدى خطراً على الثروة السمكية، وهو الصيد الجائر للزريعة، الأمر الذى يهدد إنتاج الأسماك بالبحيرة، ويقطع أرزاق مئات الصيادين، ولم تفلح محاولات المسئولين فى إيقاف «قطار» التعديات، على الرغم من تنفيذ العديد من الحملات لضبط المخالفين، إلا أن مساحة البحيرة الشاسعة، التى تصل إلى 5 آلاف فدان، تقف عائقاً أمام مهمة التنفيذيين فى ملاحقة المخالفين.

«إذا استمر هذا الوضع من التعديات لمدة سنوات قليلة قادمة، فلن نستطيع أن نصطاد سمكة واحدة من البحيرة، وحتى إذا كانت هناك أسماك، لن يمكن لأحد أن يأكلها بسبب تلوثها بمياه الصرف الصحى»، كلمات بدأ بها «سلامة سنيور»، 57 سنة، عضو جمعية الصيادين بإدكو، حديثه لـ«الوطن»، قائلاً إن «بحيرة إدكو شافت جميع أنواع التعديات، وأبسط دليل على كلامى، أن مساحتها كانت 35 ألف فدان فى بداية القرن العشرين حتى بداية عام 1947، ثم تقلصت مساحتها حتى وصلت إلى 22 ألف فدان عام 1953، ثم تقلصت إلى 17 ألف فدان عام 1983، وفى التسعينيات وصلت المساحة المخصصة للصيد الحر إلى 8 آلاف فدان، وحسب التقارير النهائية، فقد وصلت مساحة بحيرة إدكو الآن إلى 5 آلاف فدان فقط».

وأضاف بقوله: «لم يقف الأمر عند هذا الحد من مساحة البحيرة، بل أغفل المختصون أن النباتات والتعديات تغطى حوالى 68% من مياه البحيرة، كما أن هناك أماكن غير مصرح بالصيد فيها، وهو ما يقلص مساحة الصيد الحر، التى لا تتجاوز من وجهة نظرى 500 فدان فقط»، وتابع أنه «وسط كل هذه التحديات، نجد ظاهرة الصيد الجائر تلقى بظلالها على ما تبقى من البحيرة، وتنتشر الظاهرة بصورها المتعددة، التى تضر بمستقبل الثروة السمكية»، معتبراً أن أخطر أشكال الصيد الجائر تتمثل فى فتح أصحاب المزارع السمكية أبوابها أمام من يجمعون «الزريعة»، وهى الأسماك الصغيرة، وذلك يعتبر مُخالفاً للقانون.

والتقط «عيد ظريف السيد»، المستشار الإعلامى لنقابة الصيادين، أطراف الكلام، قائلاً: «الصيادون محاصرون بين التلوث واختراق البعض للقانون والصيد الجائر، وإطلاق مياه الصرف الصحى على بحيرة إدكو من جميع الجهات، وغيرها من المشكلات التى تؤثر على إنتاج البحيرة من الأسماك، وأمام كل هذا، لم يجد الصيادون حيلة لتغيير الواقع، سوى رفع أياديهم إلى السماء والدعاء لإنقاذ ما تبقى من البحيرة»، لافتاً إلى أنه ما بين متطلبات الحياة وأفواه أبنائهم المفتوحة، يسعى الصيادون يومياً لتوفير ما يسد احتياجاتهم، ولكن التحديات أصبحت أكبر منهم، ولم تصل صرخات الاستغاثة التى أطلقوها إلى المسئولين، معتبراً أن الحملات التى يتم تنفيذها «وهمية» لا تُفضى إلى نتيجة حقيقية، والمسئولون يتنصلون من مسئولياتهم، وكل منهم يلقى بها على عاتق الآخر، بحسب قوله.

صيادون: صيد الزريعة يهدد ما تبقى من الأسماك.. وحملات إزالة التعديات "وهمية"

أما «سعيد توتو»، 52 سنة، صياد ببحيرة إدكو، والذى ظهرت على وجهه علامات الضيق واليأس من حال البحيرة، فقال: «أنا عاوز أتكلم عن جريمة لو استمرت فى البحيرة، مش هتخلى ولا سمكة السنوات الجاية، وهى صيد الزريعة وبيعها للمزارع السمكية»، وأضاف: «لكم أن تتخيلوا المساحة المتبقية من بحيرة إدكو، وسط تلوث المياه بالصرف الصحى، ويأتى الصيادون المخالفون بسرقة الزريعة، اللى هى مستقبل البحيرة، مع العلم أن هناك بنداً فى القانون ينص على أن فتح بوابة أى مزرعة سمكية للصيد الجائر، أو الاعتداء على البحيرة يؤدى إلى فسخ عقد المزرعة فى الحال، والكلام ده موجود على الورق فقط للأسف الشديد».

وتابع أن كثيراً من الصيادين يتحايلون على القانون لصيد الزريعة وبيعها للمزارع السمكية، فبعد أن لاحقتهم شرطة المسطحات المائية، لجأ الصيادون إلى نوع آخر من الصيد الجائر للزريعة، بأن اخترعوا طريقة جديدة اسمها «الجاروف»، وهو عبارة عن غزل يرميه الصياد على مساحة فدانين أو ثلاثة، ويجمع الزريعة فى دائرة مساحتها حوالى 100 متر مربع، حتى يحصل على أكبر كمية من الأسماك، معتبراً أن هناك «كارثة أكبر من بيع الزريعة السمكية»، وهى صيد زريعة البلطى، وبيعها لمصانع العلف الموجودة فى مختلف أنحاء الجمهورية، وهناك يتم تجفيفها وفرمها واستخدامها ضمن مكونات العلف.

واستطرد «توتو» أنه وسط كل هذه المخالفات، التى تتعرض لها البحيرة، لا يمكن إلقاء اللوم إلا على «غياب التنسيق بشكل كامل» بين هيئة الثروة السمكية، ومجلس مدينة إدكو، وشرطة المُسطحات المائية، وأضاف أن «كل واحد فيهم بيرمى المسئولية على الطرف التانى، سواء الرقابة على المخالفات، أو تنظيم عملية الصيد داخل البحيرة»، معرباً عن استيائه إزاء ضعف الحملات التى تشنها المحافظة لتطهير البحيرة، ووصفها بأنها «حملات وهمية»، وأضاف: «محدش فينا من الصيادين شاف أى شكل من أشكال التطهير فى البحيرة، وللأسف نتيجة اللى بيحصل فيها هييجى اليوم اللى هيبقى الصياد فيه مش لاقى ياكل، وهينزل يشحت فى الشوارع»، على حد تعبيره.